top of page

"أزدواجية المعايير: كيف تتداخل السياسة في المشهد الرياضي؟"


تشكل الرياضة والسياسة تلاحمًا فريدًا ينسج خيوطه حينما يلتقي مجال اللعب والتنافس بالساحة السياسية وتوجيهاتها. في هذا السياق، تظهر الأثر القوي للرياضة على السياسة والعكس صحيح، حيث تشكل هذه العلاقة تأثيرًا ثنائيًا يتجاوز حدود الملاعب.


لطالما اعتبرت الرياضة لغةً دولية تجمع بين الشعوب وتتخطى الحواجز اللغوية والثقافية. في الأحداث الرياضية الكبرى مثل كأس العالم والألعاب الأولمبية، ينسج العالم قصة واحدة حول لغة الرياضة، حيث تكون هذه الفعاليات مناسبة لتحقيق التواصل وتعزيز التفاهم بين الأمم، كما تعتبر الرياضة وسيلة للتعبير عن المواقف والاراء السياسية !


من جهة أخرى، يظهر السياسيون والقادة السياسيون استخدام الرياضة كوسيلة لتحقيق أهدافهم. تصبح المشاركة في الفعاليات الرياضية وتسليط الضوء على الإنجازات الرياضية وسيلة لتعزيز الصورة السياسية وكسب دعم الجماهير.


ولكن كل ما سبق ينطبق فقط علي حسب القضية، حيث يظهر أن هناك فجوة في عرض القضايا السياسية بين الدول الأوروبية والعربية، فحينما تسلط الأضواء على بعض القضايا، تخفي البعض الآخر ونبدأ في عملية فصل الرياضة عن السياسة، ولنتذكر معاً بعض المشاهد عن أزدواجية المعاييروكيف تتداخل السياسة في المشهد الرياضي؟


مشهد 1

" تعاطفنا مع غزة "

في بطولة أمم أفريقيا عام 2008، أظهر اللاعب محمد أبو تريكة قميصًا مكتوب عليه عبارة "تعاطفًا مع غزة" في مباراة جمعت منتخب مصر مع السودان، غزة وقتها كانت تتعرض لقصف عنيف خلف وقتها مئات القتلى والجرحى، وقتها أخرج الحكم البنيني كوفي كودجا البطاقة الصفراء لأبو تريكة بسبب هذا التصرف، وقال مسؤولو الاتحاد الأفريقي إنهم حذروه بدعوى خرقه القواعد التي تنص " لا لخلط للرياضة بالسياسة "، وتم توقيع غرامات علي اللاعب وتحذيره من تكرار الامر !!


مشهد 2

" أفضل جماهير في التاريخ "



اشتهر جماهير نادي سيلتك الاستكلندي بتعاطفهم وتضامنهم مع القضية الفلسطينية، فتح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تحقيقًا حول تصرف الجمهور الاسكتلندي واعتبر رفع أعلام فلسطين أمرًا يخالف لوائح الاتحاد التي تحرص على الفصل بين السياسة والرياضة، وتبرأت ادارة النادي من تصرفات الجماهير بعد دعمهم للفلسطينيين بعد الاحداث الاخيرة لتخرج الجماهير ببيان تاريخي تؤكد فيه الإستمرار في دعم القضية وتسألوا " لماذا تعتبر حياة الأوكرانيين أكثر قدسية من حياة الفلسطينيين ؟ " !


مشهد 3

" الدعم الذي أنهي مسيرة لاعب "

كتب اللاعب المسلم الذي يحمل الجنسية الالمانية من أصول تركية تغريدة انتقد فيها تعامل الصين مع الأقليات المسلمة في الإقليم، الواقع غربي البلاد، وأيضا عدم تحرك الدول الإسلامية للدفاع عن هذه الأقلية المسلمة، وأدت هذة التغريدة الي إنهاء مسيرته حيث تبرأ نادي أرسنال من تصريحاته فكان في العلن النأي بنفسه عن تعليقاته، أما في السر فكان معاقبته وأنتهت العلاقة بينهم حتي رحل اللاعب، وتم نسيان كل ما قدمه مع منتخب الالمانيا والتتويج معهم بالبطولة الاعرق كأس العالم أصبح في يوم وليلة مهاجر تركي تم أعطاءه الجنسية الالمانية !!


مشهد 4

" لا مانع من خلط الرياضة بالسياسة "


بدأ الغزو الروسي علي أوكرانيا، وفجأه كل المشاهد الثلاثة أصبحت فعل ماض، والان أصبح أنه لا مانع من خلط الرياضة بالسياسة، وتم منع منتخب روسيا من كأس العالم ومنع الاندية الروسية من المشاركات الاوروبية، ولا يوجد مانع لدي الاتحادات الدولية او المحلية في رفع شعارات دعم لاوكرانيا ولضحايا الحرب، أرتدي نادي مانشستر سيتي قمصان تحمل رسالة "لا للحرب" وفعلت أندية أخري أكثر من ذلك وفجأه أصبحت رسائل التضامن مع أوكرانيا لم يتبعها أي حديث عن عقوبات أو تحقيق بل تم الاحتفاء بها في الإعلام الغربي واعتبارها رسالة سلام.

وكما فعل أبو تريكه فعل مالينوفسكي اللاعب الاوكراني كان يحمل قميصاً ثانياً كُتبت عليه عبارة "لا للحرب على أوكرانيا"، بلاده التي تتعرض لعملية عسكرية روسية موسعة، لم يخش من عواقب رفع القميص، ولم يُعاقب ولم يتم تحذيره لانه خرق القواعد التي تنص " لا لخلط للرياضة بالسياسة " !


المشهد الاخير

" الازدواجية "


ماذا لو كان عطال توشح بالعلم الأوكراني وطلب دعم كييف في وجه "الغزو الروسي"؟

أو لو كتب مزراوي أو أنور غازي تغريدة دعم لشعب أوكرانيا ؟


ولكن أزدواجية المعايير والاراء تحكم هنا، اللاعب الأوكراني زينتشينكو عندما تعرضت أوكرانيا للهجوم من روسيا تحدث ودعم بلاده ولم ينال أي عقوبة أو استدعاء من الإدارة في ناديه، ولم يتعرض للتهديد من قبل الدوري الانجليزي بفسخ عقده، ولم يثر الزوبعة التي أثيرت ضد الدولي الجزائري الذي هدد بالطرد من نيس من طرف عمدة المدينة الفرنسية في حالة لم يعتذر للمجتمع اليهودي، أو ما حدث مع المغربي مزراوي وأنور غازي في أندية الدوري الالماني حيث تم أستدعاء الاول من أدارة بايرن ميونخ ومتوقع الكثير من العقوبات عليه، والثاني الذي تم فسخ عقده نهائياً مع ماينز الالماني !


تسابق الرياضيون العالميون ونجوم الصف الأول والفرق الكبيرة بأوروبا والعالم وفي كل مباراة سواء محلية أو أوروبية لإعلان دعمهم لأوكرانيا ضد "العدوان الروسي"، لكن الصمت القاتل ساد عالم الساحرة المستديرة علي أفعال الاحتلال الإسرائيلي في غزة، حيث وصل الامر الي قذف مستشفي أطفال، ومازال الصمت والعقوبات والتهديد لكل من تسول له نفسه الحديث في الامر !


استبعد اتحادا كرة القدم الدولي (فيفا) والأوروبي "يويفا" واللجنة الأولمبية الدولية ومنظمات رياضية أخرى منتخبات روسيا من كل المسابقات والنشاطات الرياضية، بينما أجل مباريات منتخب الاحتلال الاسرائيلي إلى موعد قادم من دون أن ينبس ببنت شفة عما يجري الآن على الساحة الفلسطينية.


وكأن الساحة الرياضية تؤمن وتصدق وتدافع عن كل ما يظن أن الأوكرانيين الذين يدافعون عن عائلاتهم "مقاتلون أحرار" وإن الفلسطينيين الذي يفعلون الأمر نفسه في غزة "إرهابيون".





Comments


join our mailing list

Thanks for submitting!

© 2023 by Closet Confidential. Proudly created with Wix.com

bottom of page