الفيلم الكروي : ميسي مع بلاد الفضة

بطل الفيلم هو معجزة نادي برشلونة الجديدة في 2005، ذو 18 عام، خليفة مارادونا القادمة، حاول الاتحاد الاسباني كثيراً إعطائه الجنسية واللعب مع منتخب أسبانيا لكن حلمه الوحيد كان تحقيق المجد لـ بلاد الفضة، بلده الام الأرجنتين !

بداية الحكاية

تم إستدعائه للمنتخب الاول لقطع كافه الطرق علي أسبانيا، لتبدأ حكاية ميسي مع بلاد الفضة في 17 أغسطس 2005، أمام منتخب المجر، ودخل كبديل في الدقيقة 63' ولاننا نتحدث عن فيلم فالبطل يجب أن يعاني في البداية حتي يصل الي مبتغاه، وبعد 43 ثانية من مشاركته تم طرده بعد نطح المدافع المجري فيلموس مانتشاك نتيجه التحام الاخير، وكانت أسوأ بداية للبطل مع منتخب بلاده الأرجنتين !

كأس العالم 2006

ثم تم إستدعائه في كأس العالم 2006 حيث وجد نفسه في تشكيلة مليئة بالنجوم والمواهب، ولكونه ليو، لم يستغرق وقتاً طويلاً حتى يترك بصمته، بعد جلوسه على مقاعد البدلاء في المباراة الأولى، أصبح ميسي أصغر لاعب يشارك في المونديال في تاريخ الارجنتين، وذلك عندما شارك في الدقيقة 74 في مباراة منتخب بلاده ضد صربيا والجبل الأسود.

لم يحتاج ميسي إلا لدقائق معدودة لوضع بصمته، وذلك بصناعته هدف الأرجنتين الرابع الذي سجله كريسبو، ثم بتسجيله هدف التانجو السادس، ليصبح أصغر لاعب في تاريخ كأس العالم ( 18 عام 357 يوم ) يسجل ويصنع في مباراة واحدة !

ثم لعب المباراة الثالثة في دور المجموعات أساسي أمام هولندا، وشارك بديلاً في مباراة دور الـ16 أمام منتخب المكسيك، وفي مباراة ربع النهائي أمام ألمانيا لم يشركه المدرب بيكرمان وهو القرار الذي أعتبره الكثيرين خاطئ حيث كان ليو في كل دقيقة له علي أرض الملعب يصنع الفارق بسرعته ومراوغته وهُزم منتخب الارجنتين لتبدأ رحلة السقوط .

كوبا أمريكا 2007

في عام 2007 دخل منتخب الأرجنتين بطولة كوبا أمريكا كمرشح أول للحصول على اللقب في ظل وجود نجوم بارزة أبرزهم تيفيز وكريسبو وزانيتي وفيرون وأيالا وريكلمي، مع وجود بطلنا الفتى الصغير ( 20 عام ) حيث يشارك للمرة الأولى في البطولة !

لعب ميسي جميع مباريات البطولة، وقدم أداء رائع جداً هجومياً سجل هدفين في ربع النهائي ضد بيرو وفي نصف النهائي سجل واحد من أفضل أهدافه تاريخياً ضد المكسيك، وحقق في هذة البطولة جائزة أفضل لاعب شاب ولكنه كما قال ميسي لاحقاً الافضل وليس البطل لانه أخفق في النهائي أمام منتخب البرازيل الذي لعب بالصف الثاني وفاز في النهائي على الأرجنتين بثلاثية نظيفة، ليخسر ميسي النهائي الاول مع الارجنتين !

وتبدأ اللعنة !

أولمبياد بكين 2008

في عام 2008، لم يسمح برشلونة لـ ميسي بالمشاركة في أولمبياد بكين، خوفاً عليه من الاصابة ولارتباط برشلونة باللعب في تصفيات دوري أبطال أوروبا، ولكن جوارديولا تدخل وطلب من رئيس النادي السماح له بالذهاب وأخبره بيب أنه يمكنه الذهاب شريطة تحقيق الميدالية الذهبية، ووعده ميسي بذلك .

ولان البطل يجب أن يقدم شئ ولو بسيط لمنتخب بلاده، حققت الارجنتين الميدالية الذهبية في أولمبياد بكين بمجموعة شباب رائعة تتمثل في بطلنا مع أجويرو ودي ماريا وعناصر الخبرة ماسكيرانو وريكلمي، ليحقق ميسي الانجاز الاول له ولبلاد الفضة !

كأس العالم 2010

ماردونا بدون أي خبرة تدريبية أصبح مدرب منتخب الارجنتين في الفرصة الاولي لـ ميسي كأساسي مع منتخب الارجنتين في بطولة كأس العالم، في ذلك الوقت زادت أمال الارجنتينيين علي ميسي أفضل لاعب في العالم آنذاك، حقق المنتخب الارجنتيني العلامة الكاملة في المجموعات حيث تفوق علي نيجيريا وكوريا واليونان وصعد لـ دور الـ16 وتفوق علي المكسيك 3-1 ولكن مشوار الفريق توقف عند ربع النهائي حين خرجوا بأذلال أمام منتخب ألمانيا برباعية نظيفة !

ولانه سيناريو وكأنه مكتوب فالبطل سيفعل كل شئ في 5 مباريات ولكنه لن يترك بصمته لن يتذكره أحد، ميسي قدم واحد من أفضل الاداءات الفردية في كل المباريات ( ماعدا ألمانيا ) ولكن كل الحراس أصبحوا خليط بين بوفون وكاسيس ونوير وياشين في أفضل أداء لهم مجتمعين، العارضة والقائم منعته من تسجيل علي الاقل هدفين، وخرج البطل ورأسه محنية !

كوبا أمريكا 2011

حاول البطل وضع خيبة الخروج من كأس العالم جانباً ووعد بإسعاد الجماهير ومحاولة الظفر بكوبا أمريكا، ولكن دائماً مع الابطال تأتي الرياح بما لا تشتهي السُفن، كان بطولة مخيبة أكثر من كأس العالم وكانها نسخة مصغرة، حيث لم يستطيع ميسي التسجيل في هذة البطولة أيضاً وخرج منتخب الارجنتين من الاوروجواي في ربع النهائي بضربات الجزاء الترجيحية !

لتكتمل اللعنة...

كأس العالم 2014

في 2014 قدم البطل كل شئ لكي يحقق شئ لمنتخب بلاده، بأسماء لن تصعد من دور المجموعات بفضل ميسي وصلوا الي نهائي البطولة، وفي النهائي أضاعوا المهاجمين فرصة وأثنين وضاع الحلم بعد أقترابه وأعتقد الجميع أنها كانت الفرصة الوحيدة لكي يحقق البطل حلمه !

كان هذا واحد من أصعب الفصول في السيناريو نظراً لأقتراب البطل من تحقيق حلمه الوحيد، ولكنه كالعادة كان الافضل وليس البطل، حقق ميسي جائزة أفضل لاعب في كأس العالم 2014 ولكن اللقب ذهب لـ ألمانيا!

لـ يخسر البطل النهائي الثاني له مع بلاد الفضة !

كوبا أمريكا 2015

إنكسار أخر للبطل، بعد خسارة النهائي الثالث له مع منتخبه، وكأن الكاتب يريده أن ينكسر ويُذل ويبقي رأسه محني، وصل ميسي مع منتخب الارجنتين للمباراة النهائية في كوبا أمريكا 2015 وسط ترشيحات الجميع أن أخيراً سيحقق البطل البطولة المنتظرة من 2006 وستنتهي اللعنة !

ولكنها اللعنة التي جعلته يخسر نهائي كأس العالم في الدقائق الاخيرة، هي التي جعلته يخسر نهائي الكوبا بضربات الجزاء أمام تشيلي، حصل ميسي أيضاً علي جائزة أفضل لاعب في البطولة ولكنه رفض أستلام الجائزة وألغيت لاول مرة في تاريخ البطولة ولكن الطاقم الاداري أستلمها بعد ذلك !

واستمرت اللعنة ...

كوبا أمريكا 2016

وشائت الاقدار أن تعطي للبطل فرصة أخري حين لُعب بطولة استثنائية بمناسبة مرور 100 عام علي أول بطولة كوبا أمريكا في التاريخ، والجميع قال أنها من أجل ميسي كي يحقق بطولة مع منتخب بلاده قبل فوات الاوان، وكأن كاتب السيناريو يريد إعطائه مزيد من الفرص كي يحقق المراد !

ولكن اللعنة كانت أقوي من كل شئ، قدم ميسي أداء رائع للغاية نجح في أحراز 5 أهداف ساهمت في صعود الفريق للمباراة النهائية الثانية علي التوالي ليلاقي منتخب تشيلي للانتقام ولكن السيناريو وكأنه مُعاد تكرر كل شئ ولكن هذة المرة أضاع ميسي ضربة الجزاء الاولي وخسر المنتخب النهائي الثالث علي التوالي !

ليخرج ميسي باكياً من الملعب وكأنه لم يعد يتحمل الضغط وقال "الأمر ليس مكتوبا لي، بالنسبة لي انتهى المشوار مع المنتخب الوطني، لقد بذلت كل ما بوسعي من المؤلم ألا تكون البطل" !!!!

وكأن اللعنة قضت عليه كلياً في هذة اللحظة !

كأس العالم 2018

قرار الاعتزال لم يدم أكثر من شهر ونصف، وعاد ميسي الي عشقه الاول مرة أخري لان الأبطال لا يستسلمون حتي يحققون مبتغاهم هكذا علمتنا السنيما والحياه، ولكنه عاد لمنتخب أكثر فوضي بدون خطة واضحة سنلعب كأس العالم الرابعة للبطل وندعي الله أن يكون معنا ونفوز !

واحدة من أسوأ النسخ للمنتخب الارجنتيني في كأس العالم صعدوا للدور الثاني بمعجزة ليلاقوا منتخب فرنسا في مباراة لم يتوقع أكثر المتفائلين سوي أن تنتهي 1-0 لـ فرنسا !

وأنتهي فصل أخر من فصول محاولات البطل للوصول الي حلمه .

كوبا أمريكا 2019

بداية الحلم ،، تم تعين سكالوني مدرباً مؤقتاً خلفاً لسامباولي بعد فشل الاخير بجدارة في مونديال 2018، وأخيراً مدرب رغم عدم خبرته الا أنه بدأ يفكر في تطوير العناصر التي يملكها بدأ يفكر في خلق التوليفة المناسبة كي يستطيع إخراج أفضل نسخة من البطل ليساعده علي تحقيق حلمه !

بالرغم من الخسارة في نصف نهائي أمام البرازيل الا ان الجميع رأي ان هناك أمل في هذة المجموعة، والان فقط يستطيع البطل أن يحلم من جديد .

كوبا أمريكا 2021

" لقد كُتب لها أن تلعب هنا لنفوز بها في الماراكانا لتكون أجمل لجميع الارجنتينيين "

- من خطاب ميسي قبل نهائي كوبا أمريكا 2021 أمام البرازيل في البرازيل

كانت البطولة الثانية لـ أرجنتين سكالوني، النور في نهاية النفق لسيناريو فيلم ميسي مع بلاد الفضة ظهر ذلك جداً في بطولة كوبا أمريكا 2019 بالرغم خسارة نصف النهائي أمام البرازيل الا ان جميع رأي ان هذا المنتخب تغير، وبالفعل في هذة البطولة ظهر بطل جديد تماماً وبالرغم من تقدم العمر الا أنه ساهم في كل المبارايات سواء بالتسجيل أو الصناعة .

كان نهائي صعب للغاية أمام البرازيل في الماراكانا وفي ظروف صعبة كما تحدث عنها البطل في خطابه الاخير أنهم لم يروا عائلتهم لمدة 45 يوم وهناك لاعبين رزقوا بأطفال ولم يروهم ولم يحملوهم وأن كل شئ يعتمد علينا فقط وأننا سنخرج للملعب بهدف واحد هو تحقيق الكأس لنأخذه معنا للارجنتين لنحتفل به مع عائلاتنا وأصدقائنا !

ورضخت أخيراً وحقق البطل ما سعي له طيلة مسيرته، أحتاج الامر خمسة عشر عام من الالم والدموع والاتهامات بالتخاذل وتوفير الجهد للنادي، خمسة عشر عام تحمل الضغط وحمل طموحات وآمال كل الارجنتينيين .

رؤية دموع الفرحة في عينيه بعد صافرة النهاية وكأن كل هذا أنتهي كانت واحدة من أجمل اللحظات الكروية !

( لان الاجمل لم يأتي بعد )

فيناليسيما 2022

ولانه فيلم أصبحت الاحلام ممكنة، وفي غمضة عين لعنة النهائيات أصبحت لأي منتخب يلعب أمام الأرجنتين، " الفيناليسيما " " البطولة التي تم إستحداثها عام ١٩٨٥ ولعبت مرتين وتوقفت وتم إعادة إحيائها هذه السنة " بطل كوبا أمريكا أمام بطل اليورو، الارجنتين ضد إيطاليا !

لقب أخر يطرق الباب للبطل ورفاقه وكالعادة خطف الاضواء من الجميع بالرغم أنه لم يسجل ولكنه صنع هدفين وقدم أداء أكثر من رائع في الفوز باللقب الثاني لمنتخب بلاده علي منتخب إيطاليا 3-0

كل شئ في الارجنتين كان رائع، بداية من الجمهور والتشجيع، لسكالوني الذي وجد التوليفة المناسبة باللاعبين المناسبين وبث بهم الروح ليقاتلوا من أجل بلاد الفضة، وفوق كل هذا معهم بطل قصتنا (( ميسي )) أفضل لاعب في التاريخ شاء من شاء وأبي من أبي، ميسي ومع هذة المجموعة التي تعشقه مثل الجماهير نسخة مختلفة تماماً عن أي نسخة لـ ميسي في السنوات الماضية !

كأس العالم 2022

الصفحة الأخيرة،، فجأه وفي غمضة عين أصبح لدي الارجنتين كل شئ جمهور رائع مستعد لرهن كل ممتلكاته حتي يذهب خلف هذا المنتخب، مدرب مجتهد سكالوني الذي وجد التوليفة المناسبة، ولاعبين يقدموا أرواحهم في الملعب، و بطل فيلمنا (( ميسي ))

لم يطلب منه أحد أثبات شئ أخر، حقق اللقب المفقود لمنتخب بلاده منذ 1993 وحقق حلمه الكروي الذي صرح في أكثر من لقاء أنه يتمني إستبدال كل ألقابه الفردية والجماعية مقابل تحقيق لقب مع الأرجنتين، هو دخل هذا المونديال في محاولة أخيرة لختم كرة القدم وليكتب أفضل نهاية للفيلم الكروي !

- ولانه فيلم خسر المباراة الأولي ثم أنقذهم في المباراة الثانية وتم تأكيد صعودهم في الثالثة، ساهم بالتسجيل في كل دور ( أول لاعب في التاريخ يسجل في كل أدوار كأس العالم )، وقدم واحد من أفضل الاداءات الفردية في تاريخ كأس العالم .

- ولانه فيلم في ربع النهائي كانت النتيجة 2-0 وفي واحدة من أكثر المباريات عنفاً في التاريخ عاد المنتخب الهولندي في الدقائق الاخيرة لكنهم فازوا بضربات الجزاء .

- ولانه فيلم نهايته جميلة أنتهي الشوط الاول 2-0 أمام منتخب فرنسا ولكن الكاتب أراد جعله أفضل فيلم في التاريخ عادت فرنسا قبل النهاية بعشرة دقائق ثم أحرز البطل هدف الفوز ثم تعادلت فرنسا مرة أخري ليحقق البطل أغلي الالقاب بضربات الجزاء الترجيحية !

****

الفيلم الكروي : ميسي مع بلاد الفضة

فيلم دراما ملئ بالدموع والاحزان والاحباط، ولكنه قصة صعود، البطل الذي يحاول مرة وأثنين وثلاثة وحتي حين يقع يعود سريعاً ليحاول مرة أخري حتي يحقق مبتغاه !

أجمل ما في هذة القصة، أنها حقيقية وليست فيلم أو خيال، أجمل ما فيها أننا عشناها بكل التفاصيل، حلمنا أن يحدث ربع ما حدث، حلمنا أن يحقق لقب واحد فقط يكون في خزانته، ولكن ما حدث كان أفضل 1000 مرة من كل أحلامنا !